كتاب: فيض القدير شرح الجامع الصغير من أحاديث البشير النذير **

/ﻪـ 
البحث:

هدايا الموقع

هدايا الموقع

روابط سريعة

روابط سريعة

خدمات متنوعة

خدمات متنوعة
الصفحة الرئيسية > شجرة التصنيفات
كتاب: فيض القدير شرح الجامع الصغير من أحاديث البشير النذير **


<تنبيه> عرّف بعضهم التواضع بأنه الخضوع لغة وعرفاً بأنه حط النفس الى ما دون قدرها واعطاؤها من التوقير أقل من استحقاقها‏.‏

- ‏(‏ت ك‏)‏ في الإيمان واللباس ‏(‏عن معاذ بن أنس‏)‏ وأقره الذهبي في باب الإيمان وضعفه في باب اللباس فقال‏:‏ عبد الرحيم بن ميمون أحد رواته ضعفه ابن معين اهـ وأورده ابن الجوزي في العلل وأعله به‏.‏

8585 - ‏(‏من ترك صلاة‏)‏ أي من الخمس عامداً عالماً بغير عذر ‏(‏لقي اللّه وهو عليه غضبان‏)‏ أي مستحقاً لعقوبة المغضوب ‏[‏ص 102‏]‏ عليهم فإن شاء رضي عليه وسامحه وإن شاء عذبه وشاححه قال الطيبي‏:‏ إذا أطلق الغضب على اللّه حمل على الغاية وهي إرادة الانتقام فترك الفريضة أو تفويتها بلا عذر كبيرة فإن لازم تركها ومات على ذلك فهو من الأشقياء الخاسرين إلا أن يدركه عفو اللّه‏.‏

<تنبيه> قال القيصري‏:‏ الوجود كله بأجزائه مصل للّه بدوام وجود الوجود لا ينفك عن الصلاة فإنه في مقام العبودية للّه فمن حقق النظر رأي الوجود كله باطناً وظاهراً مصلياً فمن ترك الصلاة فقد خالف الخليقة كلها ولذلك يحشر مع فرعون وهامان كما جاء في بعض الأخبار‏.‏

- ‏(‏طب عن ابن عباس‏)‏ قال الهيثمي‏:‏ فيه سهل بن محمود ذكره ابن أبي حازم وقال‏:‏ لم يرو عنه إلا الدورقي وسعدان وبقية رجاله رجال الصحيح‏.‏

8586 - ‏(‏من ترك صلاة العصر‏)‏ أي متعمداً كما في الرواية الآتية ‏(‏حبط‏)‏ وفي رواية البخاري فقد حبط بكسر الموحدة ‏(‏عمله‏)‏ أي بطل كمال ثواب عمله يومه ذلك‏.‏ وأخذ بظاهره المعتزلة فأحبطوا الطاعة بالمعصية وخص العصر لأنها مظنة التأخير بالتعب من شغل النهار أو لأن فوتها أقبح من فوت غيرها لكونها الوسطى المخصوصة بالأمر بالمحافظة عليها على القول المنصوص قال ابن تيمية‏:‏ وهي التي عرضت على من قبلنا فضيعوها فالمحافظ عليها له الأجر مرتين وهي التي لما فاتت سليمان فعل بالخيل ما فعل وهي خاتمة فرائض النهار وبفوتها يصير عمل نهاره أبتر غير كامل الثواب فتعبيره بالحبوط وهو البطلان ليس للتقريع والتهويل فحسب كما ظن وسلف في شرح خبر الذي تفوته صلاة العصر ما له تعلق بذلك قال الحرالي‏:‏ والإحباط من الحبط وهو فساد في الشيء الصالح يفسده عن وهم صلاحه اهـ‏.‏

- ‏(‏حم خ ن‏)‏ كلهم في الصلاة ‏(‏عن بريدة‏)‏ بضم الموحدة وفتح الراء وسكون التحتية ودال مهملة ابن الحصيب بحاء فصاد مهملتين ولم يخرجه مسلم‏.‏

8587 - ‏(‏من ترك الصلاة متعمداً فقد كفر جهاراً‏)‏ أي استوجب عقوبة من كفر أو قارب أن ينخلع عن الإيمان بانحلال عروته وسقوط عماده كما يقال لمن قارب البلد إنه بلغها أو فعل فعل الكفار وتشبه بهم لأنهم لا يصلون أو فقد ستر تلك الأقوال والأفعال المخصوصة التي كلفه اللّه بأن يبديها‏.‏

- ‏(‏طس عن أنس‏)‏ بن مالك قال الهيثمي‏:‏ رجاله موثقون إلا محمد بن أبي داود البغدادي فما أدري أهو هو أم لا‏؟‏ اهـ وقال ابن حجر‏:‏ الحديث سئل عنه الدارقطني فقال‏:‏ رواه أبو النضر عن أبي جعفر عن الربيع موصولاً ووقفه أشبه بالصواب اهـ‏.‏ وقال الحافظ العراقي‏:‏ في مسنده مقال‏.‏ نعم روى أحمد بسند رجاله ثقات من ترك صلاة متعمداً فقد برئت منه ذمّة محمد اهـ‏.‏

8588 - ‏(‏من ترك الرمي‏)‏ بالسهام ‏(‏بعد ما علمه رغبة عنه فإنها‏)‏ أي الخصلة التي هي معرفة الرمي ثم أهملها ‏(‏نعمة كفرها‏)‏ فإنه ينكي العدو ونعم العون في الحرب، وهذا خرج مخرج الزجر والتغليظ فتعلم الرمي مندوب وتركه بعد معرفته مكروه‏.‏ نعم شرط ندبه عدم الإكباب عليه بحيث تضيع بعض الواجبات بسببه وإلا فلا يطلب بل يكره بل قد يحرم إذ لا يجوز ترك فرض لسنة ومحله أيضاً ما لم يعارضه ما هو أهم منه ومن ثم لما سئل عنه بعض العلماء قال‏:‏ هو حسن لكنها أيامك فانظر بما تقطعها

- ‏(‏طب عن عقبة بن عامر‏)‏ ورواه عنه الطيالسي‏.‏

8589 - ‏(‏من ترك ثلاث جمع تهاوناً بها‏)‏ أي إهانة، وعدل إلى التفاعل للدلالة على أن الجمعة شأنها أنها أعلى رتبة وأرفع مكانة من أن يتصور فيه الاستهانة بوجه فلا يقدر أحد على إهانته إلا تكلفاً وزوراً قال أبو البقاء‏:‏ وتهاوناً منصوب على أنه مفعول له ويجوز أن يكون منصوباً في موضع الحال أي متهاوناً ‏(‏طبع اللّه على قلبه‏)‏ أي ختم عليه وغشاه ومنعه ألطافه وجعل فيه الجهل والجفاء والقسوة أو صير قلبه قلب منافق‏.‏ والطبع بالسكون الختم وبالتحريك الدنس ‏[‏ص 103‏]‏ وأصله من الوسخ يغشى السيف ثم استعمل فيما يشبه ذلك من الآثام والقبائح‏.‏

- ‏(‏حم 4 ك‏)‏ في المناقب ‏(‏عن أبي الجعد‏)‏ الضمري ويقال الضميري بالتصغير قال الترمذي عن البخاري‏:‏ لا أعرف اسمه وقال‏:‏ لا أعرف له إلا هذا الحديث لكن ذكر العسكري أن اسمه الأقرع وقيل جنادة صحابي له حديث قتل يوم الجمل قال الحاكم مرة‏:‏ هو على شرط مسلم وأخرى‏:‏ سكت قال الذهبي في التلخيص‏:‏ هو حسن وقال في الكبائر‏:‏ سنده قوي وعده المصنف في الأحاديث المتواترة‏.‏

8590 - ‏(‏من ترك ثلاث جمعات من غير عذر كتب من المنافقين‏)‏ أراد النفاق العملي قال في فتح القدير‏:‏ صرح أصحابنا بأن الجمعة فرض آكد من الظهر وبإكفار جاحدها‏.‏

<فائدة> قال الغزالي‏:‏ اختلف رجل إلى ابن عباس يسأله عن رجل مات لم يكن يشهد جمعة ولا جماعة فقال‏:‏ في النار، فلم يزل يتردد إليه شهراً يسأله عن ذلك فيقول‏:‏ في النار‏.‏

- ‏(‏طب عن أسامة بن زيد‏)‏ قال الهيثمي‏:‏ فيه جابر الجعفي وهو ضعيف عند الأكثر لكن له شاهد صحيح وهو خبر أبي يعلى عن الحبر يرفعه من ترك الجمعة ثلاث جمع متواليات فقد نبذ الإسلام وراء ظهره قال الهيثمي‏:‏ رجاله رجال الصحيح‏.‏

8591 - ‏(‏من تزوج فقد استكمل نصف الإيمان‏)‏ وفي رواية نصف دينه ‏(‏فليتق اللّه في النصف الباقي‏)‏ جعل التقوى نصفين نصفاً تزوجاً ونصفاً غيره، قال أبو حاتم‏:‏ المقيم لدين المرء في الأغلب فرجه وبطنه وقد كفي بالتزوج أحدهما قال الطيبي‏:‏ وقوله فقد استكمل جواب، والشرط فليتق اللّه عطف عليه أو الجواب الثاني والأول عطف على الشرط فعليه السبب مركب والمسبب مفرد فالمعنى أنه معلوم أن التزوج نصف الدين فمن حصله فعليه بالنصف الباقي وهذا أبلغ لإيذائه بأنه معلوم مقدر وعلى الوجه الآخر إعلام بذلك فلا يكون مقدراً وعلى الأول السبب مفرد والمسبب مركب‏.‏

<فائدة> قال الغزالي عن بعضهم‏:‏ غلبت عليّ شهوتي في بدىء إرادتي بما لم أطق فأكثرت الضجيج إلى اللّه فرآني شخص في المنام فقال‏:‏ تحب أن يذهب ما تجد وأضرب عنقك قلت‏:‏ نعم قال‏:‏ مد رقبتك فمددتها فجرد سيفاً من نور وضرب به عنقي فأصبحت وقد زال ما بي فبقيت معافى سنة ثم عاودني ذلكك فاشتد فرأيت شخصاً يخاطبني فيما بين صدري وجنبي يقول‏:‏ ويحك كم تسأل اللّه رفع ما لا يحب رفعه تزوج فتزوجت فانقطع ذلك عني وولد لي‏.‏

- ‏(‏طب‏)‏ بل في معاجيمه الثلاثة ‏(‏عن أنس‏)‏ بن مالك قال الهيثمي‏:‏ ورواه بإسنادين وفيهما يزيد الرقاشي وجابر الجعفي وكلاهما ضعيف وقد وثقا‏.‏ وقال الحافظ العراقي‏:‏ سنده ضعيف اهـ وذلك لأن فيه عمرو بن أبي سلمة أورده الذهبي في الضعفاء وقال‏:‏ ثقة وقال أبو حاتم‏:‏ لا يحتج به اهـ وقال ابن الجوزي‏:‏ حديث لا يصح وفيه آفات ورواه الحاكم بلفظ من تزوج امرأة فقد أعطي نصف العبادة قال ابن حجر‏:‏ وسنده ضعيف‏.‏

8592 - ‏(‏من تزين بعمل الآخرة وهو لا يريدها ولا يطلبها لعن في السماوات والأرض‏)‏ لفظ رواية الطبراني فيما وقفت عليه من النسخ الأرضين بالجمع وذلك لما اشتمل عليه من التدليس والتحلي بأوصاف التدليس وذلك من علامات النفاق إذ المنافق من يظهر خلاف ما يبطن‏.‏

<تنبيه> قال ابن عربي‏:‏ من مرض الأحوال النفسانية التي يجب التداوي منها صحبة الصالحين ليشتهر أنه منهم وهو في نفسه مع شهوته فإن حضر معهم سماعاً وقد عشق أمرد أو جارية فأصابه وجد وغلب عليه حال من عشقه يصيح ويتنفس الصعداء ويقول اللّه أو هو هو، ويشير بإشارات الصوفية فيظن الحاضرون أنه حال إلهي مع كونه ذا وجد صحيح وحال صحيحة لكن فيهما ‏{‏وقد خاب من دساها‏}‏ قال‏:‏ ومن أمراض الأحوال أن يلبس دون ما في نفسه مما يحل له فمتى عرف هذه العلل وأدواءها واستعملها نفع نفسه قال‏:‏ وكان في زمن ‏[‏ص 104‏]‏ نور الدين شيخ كثير الزعقات والتنهيدات في حال وجده باللّه بحيث كان يشعب على الطائفين حال طوافه فكان يطوف على سطح الحرم وكان صادق الحال فابتلي بحب مغنية فانتقل وجده إليها والناس يظنون أنه في اللّه فجاء إلى الصوفية ورمى خرقته وذكر قصته وقال‏:‏ لا أكذب في حالي ولزم خدمة المغنية فأخبرت أنه من الأولياء وابتلي فاستحيت وتابت ببركة صدقه ولزمت خدمته فزال ذلك التعلق من قلبه ورجع لحاله فلبس خرقته ولم ير أن يكذب مع اللّه في حاله فهذا حال صدقهم فليحذر من الكذب في ذلك ولا يظهر للناس إلا ما يظهر للّه، إلى هنا كلامه، وفي حكمة الأشراف صاحب الرياء عند الصوفية كمنافق علمت منه الطوية فكلما أراد أن يستر ما علموا كذبوه وفضحوه‏.‏

ومهما يكن عند امرىء من خليقة * وإن خالها تخفى على الناس تعلم

قال‏:‏ ومن المرائين قوم زينوا ظاهرهم وتشبهوا بالفقراء ناصبين شبكة احتيالهم على العوام فإن كان ذلك حظهم من اللّه فيا فضيحتهم بين يديه‏.‏ وروى ابن كامل في معجمه وابن النجار في تاريخه عن أنس قال‏:‏ وعظ النبي صلى اللّه عليه وسلم يوماً فإذا رجل قد صعق فقال صلى اللّه عليه وسلم‏:‏ من ذا الذي لبس علينا ديننا إن كان صادقا فقد شهد نفسه وإن كان كاذبا محقه اللّه‏.‏

- ‏(‏طس عن أبي هريرة‏)‏ قال المنذري‏:‏ ضعيف وقال الهيثمي‏:‏ فيه إسماعيل بن يحيى التيمي وهو كذاب اهـ فكان ينبغي للمصنف حذفه من الكتاب‏.‏

8593 - ‏(‏من تشبه بقوم‏)‏ أي تزيا في ظاهره بزيهم وفي تعرفه بفعلهم وفي تخلقه بخلقهم وسار بسيرتهم وهديهم في ملبسهم وبعض أفعالهم أي وكان التشبه بحق قد طابق فيه الظاهر الباطن ‏(‏فهو منهم‏)‏ وقيل المعنى من تشبه بالصالحين وهو من أتباعهم يكرم كما يكرمون ومن تشبه بالفساق يهان ويخذل كهم، ومن وضع عليه علامة الشرف أكرم وإن لم يتحقق شرفه وفيه أن من تشبه من الجن بالحيات وظهر يصورتهم قتل وأنه لا يجوز الآن لبس عمامة زرقاء أو صفراء كذا ذكره ابن رسلان، وبأبلغ من ذلك صرح القرطبي فقال‏:‏ لو خص أهل الفسوق والمجون بلباس منع لبسه لغيرهم فقد يظنّ به من لا يعرفه أنه منهم فيظن به ظنّ السوء فيأثم الظان والمظنون فيه بسبب العون عليه، وقال بعضهم‏:‏ قد يقع التشبه في أمور قلبية من الاعتقادات وإرادات وأمور خارجية من أقوال وأفعال قد تكون عبادات وقد تكون عادات في نحو طعام ولباس ومسكن ونكاح واجتماع وافتراق وسفر وإقامة وركوب وغيرها وبين الظاهر والباطن ارتباط ومناسبة وقد بعث اللّه المصطفى صلى اللّه عليه وسلم بالحكمة التي هي سنة وهي الشرعة والمنهاج الذي شرعه له فكان مما شرعه له من الأقوال والأفعال ما يباين سبيل المغضوب عليهم والضالين فأمر بمخالفتهم في الهدى الظاهر في هذا الحديث وإن لم يظهر فيه مفسدة لأمور منها أن المشاركة في الهدى في الظاهر تؤثر تناسباً وتشاكلاً بين المتشابهين تعود إلى موافقة ما في الأخلاق والأعمال وهذا أمر محسوس فإن لابس ثياب العلماء مثلاً يجد من نفسه نوع انضمام إليهم ولابس ثياب الجند المقاتلة مثلاً يجد من نفسه نوع تخلق بأخلاقهم وتصير طبيعته منقادة لذلك إلا أن يمنعه مانع ومنها أن المخالفة في الهدى الظاهر توجب مباينة ومفارقة توجب الانقطاع عن موجبات الغضب وأسباب الضلال والانعطاف على أهل الهدى والرضوان ومنها أن مشاركتهم في الهدى للظاهر توجب الاختلاط الظاهر حتى يرتفع التمييز ظاهراً بين المهدبين المرضيين وبين المغضوب عليهم والضالين الى غير ذلك من الأسباب الحكيمة التي أشار إليها هذا الحديث وما أشبهه‏.‏ وقال ابن تيمية‏:‏ هذا الحديث أقل أحواله أن يقتضي تحريم التشبه بأهل الكتاب وإن كان ظاهره يقتضي كفر المتشبه بهم فكما في قوله تعالى ‏{‏ومن يتولهم منكم فإنه منهم‏}‏ وهو نظير قول ابن عمرو من بنى بأرض المشركين وصنع نيروزهم ومهرجانهم وتشبه بهم حتى يموت حشر يوم القيامة معهم فقد حمل هذا على التشبه المطلق فإنه يوجب الكفر ويقتضي تحريم أبعاض ذلك، وقد يحمل منهم في القدر المشترك الذي شابههم فيه فإن كان كفراً أو معصية أو شعاراً لها كان حكمه كذلك‏.‏

- ‏(‏ه‏)‏ في اللباس ‏(‏عن ابن عمر‏)‏ بن الخطاب قال الزركشي‏:‏ فيه ضعف ولم يروه عن ابن خالد إلا كثير بن مروان ‏[‏ص 105‏]‏ وقال المصنف في الدرر‏:‏ سنده ضعيف، وقال الصدر المناوي‏:‏ فيه عبد الرحمن بن ثابت بن ثوبان وهو ضعيف كما قاله المنذري، وقال السخاوي‏:‏ سنده ضعيف لكن له شواهد، وقال ابن تيمية‏:‏ سنده جيد، وقال ابن حجر في الفتح‏:‏ سنده حسن ‏(‏طس عن حذيفة‏)‏ بن اليمان‏.‏ قال الحافظ العراقي‏:‏ سنده ضعيف، وقال الهيثمي‏:‏ رواه الطبراني في الأوسط وفيه علي بن غراب وثقه غير واحد وضعفه جمع وبقية رجاله ثقات اهـ‏.‏ وبه عرف أن سند الطبراني أمثل من طريق أبي داود‏.‏

8594 - ‏(‏من تصبح كل يوم‏)‏ أي أكل في الصباح تفعل من صبحت القوم أي سقيتهم الصبوح والأصل في الصبوح شرب الغداة، وقد يستعمل في الأكل أيضاً لأن شرب اللبن عند العرب بمنزلة الأكل ‏(‏بسبع تمرات‏)‏ بفتح الميم جمع تمرة ‏(‏عجوة‏)‏ بنصبه صفة أو عطف بيان لتمرات وهي ضرب من أجود التمر ‏[‏وألينه، وفي رواية بتمر المدينة، وقال ابن الأثير‏:‏ العجوة ضرب أكبر من الصيحاني يقرب إلى السواد وهو مما غرسه النبي صلى اللّه عليه وسلم بالمدينة بيده‏]‏ ‏(‏لم يضره في ذلك اليوم‏)‏ ظرف معمول ليضره أو صفة لقوله ‏(‏سم‏)‏ بتثليث السين ‏(‏ولا سحر‏)‏ وليس ذلك عاماً في العجوة بل خاصاً بعجوة المدينة بدليل رواية مسلم من أكل سبع تمرات مما بين لابتيها أي المدينة لم يضره ذلك اليوم سم، قال القرطبي‏:‏ فمطلق هاتين الروايتين مقيد بالأخرى فحيث أطلق العجوة هنا أراد عجوة المدينة واختصاص بعض الثمار في بعض الأماكن ببعض الخواص في بعض الأشياء غير بعيد وهذا من باب الخواص التي لا تدرك بقياس ظني وتكلفه بعضهم من ترجيعه إلى القياس وزعمه أن السموم إنما تقتل لإفراط بردها فإذا دام على التصبح بالعجوة تحكمت فيه الحرارة واستعانت بها الحرارة الغريزية فقابل ذلك برد السم فبرأ صاحبه اهـ‏.‏ فمما لا ينبغي أن يلتفت إليه، أما أولاً فلأن هذا وإن يقع في السم لا ينجع في السحر وأما ثانياً فلأن ذلك يدفع كما قال القرطبي خصوصية عجوة المدينة بل خصوصية العجوة مطلقاً بل خصوصية التمر فإن من الأدوية الحارة ما هو أبلغ في ذلك منه كما هو معروف عند أهله فالصواب القول باختصاص ذلك بعجوة المدينة وجهاتها لأن الخطاب لهم فهو من العام الذي أريد به الخصوص وقد يكون الشيء دواء نافعاً لأهله في محله وفي بعضها سم قاتل، ثم هل ذلك خاص بزمن المصطفى صلى اللّه عليه وسلم أو عام‏؟‏ قولان رجح بعضهم الأول، قال بعض المحققين‏:‏ والذي يدفع الاحتمال التجربة المتكررة فإن وجد ذلك كذلك الآن علم أنها خاصة دائمة وإلا فخاصة مخصوصة ومما تقرر علم أنه لا اتجاه لزعم بعضهم أن ذلك لخاصية في هواء المدينة أو لكون التمر حافظاً لصحة أهلها لكونه غذاء وهو بمنزلة الحنطة لغيرهم قال القرطبي‏:‏ وتخصيصه بسبع لخاصية لهذا العدد علمها الشارع وقد جاء ذلك في مواضع كثيرة لقول المصطفى صلى اللّه عليه وسلم في مرضه صبوا عليَّ من سبع قرب وقوله غسل الإناء من ولوغ الكلب سبعاً وقد جاء هذا العدد في غير الطلب كقوله تعالى ‏{‏سبع بقرات سمان‏}‏، ‏{‏سبع عجاف‏}‏ وسبع كسني يوسف ‏{‏وسبع سنبلات‏}‏ وكذا سبعون وسبع مئة فمن جاء من هذا العدد مجيء التداوي فذلك لخاصة لا يعلمها إلا اللّه ومن أطلعه عليها وما جاء في غيره فالعرب تضع هذا العدد للتكثير لا لإرادة عدد بعينه ولا حصر اهـ‏.‏ وقال بعضهم‏:‏ خص السبع لأن لهذا العدد خاصية ليست لغيره فالسماوات والأرض والأيام والطواف والسعي ورمي الجمار وتكبير العيد في الأولى سبع وأسنان الإنسان والنجوم سبع والسبعة جمعت معاني العدد كله وخواصه إذ العدد شفع ووتر والوتر أول وثاني والشفع كذلك فهذه أربع مراتب أول وثان ووتر أول وثان ولا تجمع هذه المراتب في أقل من سبعة وهي عدد كامل جامع لمراتب العدد الأربعة الشفع والوتر والأوائل والثواني والمراد بالوتر الأول الثلاثة وبالثاني الخمسة وبالشفع الأول الاثنين والثاني ‏[‏ص 106‏]‏ الأربعة وللأطباء اعتناء عظيم بالسبعة سيما في البحارين وقال بقراط‏:‏ كل شيء في هذا العالم يقدر على سبعة أجزاء وشرط الانتفاع بهذا وما أشبهه حسن الاعتقاد وتلقيه بالقبول‏.‏

- ‏(‏حم‏)‏ في الأطعمة ‏(‏د‏)‏ في الطب ‏(‏عن سعد‏)‏ بن أبي وقاص‏.‏

8595 - ‏(‏من تصدق بشيء من جسده أعطي بقدر ما تصدق‏)‏ يعني من جنى عليه إنسان كأن قطع منه عضواً أو أزال منفعته فعفا عنه لوجه اللّه أثابه اللّه تعالى عليه بقدر الجناية ويحتمل أن المراد بالتصدق بذلك أن يباشر بعض الطاعة ببعض بدنه كأن يزيل الأذى عن الطريق بيده فيثاب بقدر ذلك، أخرج ابن سعد عن الربيع بن خيثم أنه كان يكنس الحش بنفسه فقيل له‏:‏ إنك تكفى هذا قال‏:‏ إني أحب أن آخذ بنصيبي من المهنة‏.‏

- ‏(‏طب عن عبادة‏)‏ بن الصامت رمز لحسنه ورواه عنه أحمد أيضاً باللفظ المزبور قال الهيثمي بعد ما عزاه لأحمد في المسند والطبراني‏:‏ رجال المسند رجال الصحيح اهـ‏.‏ فاقتضى أن رجال الطبراني ليسوا كذلك فكان ينبغي للمصنف عزوه له‏.‏

8596 - ‏(‏من تطبب ولم يعلم منه طب‏)‏ أي من تعاطى الطب ولم يسبق له تجربة، ولفظ التفعل يدل على تكلف الشيء والدخول فيه بكلفة ككونه ليس من أهله ‏(‏فهو ضامن‏)‏ لمن طبه بالدية إن مات بسببه لتهوره بإقدامه على ما يقتل ومن سبق له تجربة وإتقان لعلم الطب بأخذه عن أهله فطب وبذل الجهد الصناعي فلا ضمان عليه قال الخطابي‏:‏ لا أعلم خلافاً أن المعالج إذا تعدى فتلف المريض ضمن أي بالدية لا القود إذ لا يستبد به بدون إذن المريض والضمان على العاقلة، وشمل الخبر من طب بوصفه أو قوله وهو ما يخص باسم الطبائعي وبمروده وهو الكحال وبمراهمه وهو الجرائحي وبموساه وهو الخاتن وبريشته وهو الفاصد وبمحاجمه وشرطه وهو الحجام وبخلعه ووصله ورباطه وهو المجبر وبمكواته وناره وهو الكواء وبقربته وهو الحاقن فاسم الطبيب يشمل الكل وتخصيصه ببعض الأنواع عرف حادث‏.‏

- ‏(‏د ن‏)‏ متصلاً ومنقطعاً ‏(‏ه‏)‏ في الديات ‏(‏ك‏)‏ في الطب ‏(‏عن ابن عمرو‏)‏ بن العاص قال الحاكم‏:‏ صحيح وأقره الذهبي ورواه الدارقطني من طريقين عن ابن عمرو أيضاً وقال‏:‏ لم يسنده عن ابن جريج غير الوليد بن مسلم وغيره يرويه مرسلاً قال الغرياني‏:‏ وفيه عيسى بن أبي عمران في طريق وقال أبو حاتم غير صدوق يرويه عن الوليد بن مسلم وفي طريق آخر محمد بن الصباح وثقه أبو زرعة وله حديث منكر‏.‏

8597 - ‏(‏من تعذرت عليه التجارة‏)‏ الظاهر أن التعذر قلة الربح وعدم سهولته ‏(‏فعليه بعمان‏)‏ أي فيلزم النجادة بها فإنها كثيرة الربح وهو فيها أسهل تناولاً من غيرها وعمان بضم العين وخفة الميم بلد باليمن وصقع من البحرين وقرية على البحر بجنب البصرة وعمان بفتح العين وشد الميم مدينة في أرض البلقاء من كور دمشق والحديث يحتملها ويظهر أن الكلام في ذلك الزمن فلا يلزم اطراده إلى هذا الزمان‏.‏

- ‏(‏طب عن شرحبيل‏)‏ بضم المعجمة وفتح الراء وسكون المهملة ‏(‏ابن السمط‏)‏ بكسر المهملة وسكون الميم وقيل بفتح المهملة وكسر الميم الكندي أمير حمص لمعاوية وكان من فرسانه قال الذهبي‏:‏ اختلف في صحبته وجزم ابن سعد بأن له وفادة‏.‏

8598 - ‏(‏من تعظم في نفسه‏)‏ أي تكبر وتجوه ‏(‏واختال في مشيته‏)‏ أي تكبر وتبختر وأعجب في نفسه فيها ‏(‏لقي اللّه وهو عليه غضبان‏)‏ أي يفعل به ما يفعله الغضبان بالمغضوب عليه لمنازعته له في إزاره وردائه تعالى فإن شاء عذبه وإن شاء عفا عنه وفيه أن ذلك كبيرة ‏[‏والكلام في الاختيال في غير الحرب أما فيها فمطلوب، ومن التكبر الترفع في المجالس والتقدم والغضب إذا لم يبدأ بالسلام وجحد الحق إذا ناظر والنظر إلى العامة كأنه ينظر إلى البهائم وغير ذلك فهذا كله يشمله الوعيد، وإنما لقيه وهو عليه غضبان لأنه نازعه في خصوص صفته إذ الكبرياء رداؤه‏]‏‏.‏

- ‏(‏حم خد عن ابن عمر‏)‏ بن الخطاب رمز لحسنه وهو كما قال أو أعلى فقد قال الهيثمي‏:‏ رجاله رجال الصحيح وقال المنذري‏:‏ رواته محتج بهم في الصحيح‏.‏

8599 - ‏(‏من تعلق شيئاً‏)‏ أي تمسك بشيء من المداواة واعتقد أنه فاعل للشفاء أو دافع للداء ‏(‏وكل إليه‏)‏ أي وكل اللّه شفاءه إلى ذلك الشيء فلا يحصل شفاؤه أو المراد من علق تميمة من تمائم الجاهلية يظن أنها تدفع أو تنفع فإن ذلك حرام والحرام لا دواء فيه وكذا لو جهل معناها وإن تجرد عن الاعتقاد المذكور فإن من علق شيئاً من أسماء اللّه الصريحة فهو جائز بل مطلوب محبوب فإن من وكل إلى أسماء اللّه أخذ اللّه بيده وأما قول ابن العربي‏:‏ السنة في الأسماء والقرآن الذكر دون التعليق فممنوع أو المراد من تعلقت نفسه بمخلوق غير اللّه وكله اللّه إليه فمن أنزل حوائجه باللّه والتجأ إليه وفوض أمره كله إليه كفاه كل مؤونة وقرب عليه كل بعيد ويسر له كل عسير ومن تعلق بغيره أو سكن إلى علمه وعقله واعتمد على حوله وقوته وكله اللّه إلى ذلك وخذله وحرمه توفيقه وأهمله فلم تصحح مطالبه ولم تتيسر مآربه وهذا معروف على القطع من نصوص الشريعة وأنواع التجارب‏.‏

- ‏(‏حم ت ك عن عبد اللّه بن عليم‏)‏ بالتصغير الجهني أبو سعيد الكوفي أدرك المصطفى صلى اللّه تعالى عليه وعلى آله وسلم ولم يره فروى عن عمر وغيره وقد سمع كتاب النبي صلى اللّه عليه وسلم إلى جهينة‏.‏

8600 - ‏(‏من تعلم الرمي‏)‏ بالنشاب ‏(‏ثم تركه فقد عصاني‏)‏ ‏[‏وفي رواية فليس منا أي ليس على طريقتنا ولا سنتنا كما قال ليس منا من ضرب الخدود وشق الجيوب ودعا بدعوى الجاهلية، ومن غشنا فليس منا، وهو ذم بلا شك‏]‏ لأنه قد حصلت له أهلية الدفاع عن الدين ونكاية العدو فتعين قيامه بوظيفة الجهاد فإذا تركه حتى جهله فقد فرط في القيام مما تعين عليه وتشديد الوعيد يفيد حرمته بل إنه كبيرة لكن مذهب الشافعية الكراهة وأفتى ابن الصلاح بأن الرمي أفضل من الضرب بالسيف لأن فضيلة كل منهما إنما هي من حيث كونه عدة وقوة لأهل الطاعة على أهل المعصية والرمي أبلغ في ذلك‏.‏

- ‏(‏ه عن عقبة بن عامر‏)‏ الجهني وفيه عثمان بن نعيم قال في الميزان‏:‏ تفرد عنه ابن لهيعة ومن مناكيره هذا الحديث الراوي له ابن ماجه اهـ‏.‏

8601 - ‏(‏من تعلم علماً لغير اللّه‏)‏ كالتنعم بالدنيا والتوصل إلى الجاه والمنزلة عند الحكام ‏(‏فليتبوأ مقعده من النار‏)‏ أي فليتخذ له فيها منزلاً فإنها داره وقراره، هكذا ساقه المؤلف فيما وقفت عليه من النسخ وقد سقط من قلمه بعضه فإن لفظ رواية الترمذي وابن ماجه من تعلم علماً لغير اللّه أو أراد به غير اللّه فليتبوأ مقعده من النار هكذا ساقه عنهما جمع منهم المنذري قال ابن عطاء اللّه‏:‏ جعل اللّه العلم الذي علمه من هذا وصفه حجة عليه وسبباً في تحصيل العقوبة لديه ولا يغرنك أن يكون به انتفاع للبادي والحاضر وفي الخبر إن اللّه ليؤيد هذا الدين بالرجل الفاجر ومثل من يتعلم العلم لاكتساب الدنيا والرفعة فيها كمن رفع العذرة بملعقة من الياقوت فما أشرف الوسيلة وما أخسّ المتوسل إليه، قال السيد السمهودي‏:‏ وقد جرت العادة الإلهية بتمييز هذا القسم من المنتسبين للعلم عمن يعتدي به منهم بإظهار ما يخفيه من مضمراته وكشف ما يستره من عوراته سيما المنهمك في الدنيا المستعبد لأهلها ‏{‏ليميز اللّه الخبيث من الطيب‏}‏ ومثل هذا يجب تجنبه، أوحى اللّه إلى داود لا تجعل بيني وبينك عالماً مفتوناً فيصدك عن محبتي أولئك قطاع الطرق على عبادي‏.‏ وليت شعري من شهد بقلبه أن اللّه هو الفعال وأنه لا نافع ولا ضار إلا هو وأن قلوب العباد بيده وأنه لا يناله من الدنيا إلا ما قسم ‏[‏ص 108‏]‏ له كيف يقصد بعلمه غير اللّه من جلب الدنيا وقد مازج قلبه العلم فإنه لا يأتيه إلا ما قدر له منها وأن هذا القصد لا يفيده من الدنيا إلا الخسران‏.‏

- ‏(‏ت عن ابن عمر‏)‏ بن الخطاب ورواه ابن ماجه أيضاً قال المنذري‏:‏ ورواه الترمذي وابن ماجه كلاهما عن خالد بن درنك عن ابن عمر ولم يسمع منه ورجالهما ثقات‏.‏

8602 - ‏(‏من تقحم في الدنيا‏)‏ أي رمى نفسه وتهافت في تحصيلها ولم يحترز عن الحرام والشبه ‏(‏فهو يتقحم في النار‏)‏ أي نار جهنم يقال قحم في الأمر رمى بنفسه فيه بغير روية‏.‏

- ‏(‏هب عن أبي هريرة‏)‏ قضية كلام المصنف أن مخرجه البيهقي خرجه وسلمه والأمر بخلافه فإنه تعقبه بما نصه قال أبو حازم‏:‏ تفرد به حفص بن عمر المهرقاني عن يحيى بن سعيد اهـ‏.‏

8603 - ‏(‏من تمسك بالسنة‏)‏ من السنن بفتحتين الطريق يعني من تمسك بطريق مرضية يقتدي به فيها ‏(‏دخل الجنة‏)‏ أي مع السابقين الأولين وإلا فالمؤمن الفاسق الزائغ المبتدع يدخلها بعد العذاب أو العفو، وظاهر صنيع المصنف أن ذا هو الحديث بتمامه والأمر بخلافه بل بقيته قالت عائشة‏:‏ يا رسول اللّه وما السنة قال‏:‏ حب أبيك وصاحبه عمر اهـ بنصه وبالجملة فعلامة الفوز بالجنة التمسك بالسنة قال أبو يزيد البسطامي‏:‏ هممت أن أسال اللّه كفاية مؤونة الطعام والنساء ثم قلت‏:‏ كيف يجوز لي أن أسأل ما لم يسأله النبي صلى اللّه عليه وسلم وقال الداراني‏:‏ ربما وقع في قلبي نكتة من نكت القوم أياماً فلا أقبل إلا بشاهدين عدلين الكتاب والسنة وقال الجنيد‏:‏ الطرق كلها مسدودة عن الخلق إلا على من اقتفى أثر المصطفى صلى اللّه عليه وسلم وقال العارف ابن قوام‏:‏ كانت الأحوال تطرقني في بدايتي فنهاني شيخي عن الكلام فاستأذنت الشيخ في المضي لوالدتي فأذن وقال‏:‏ سيحدث لك الليلة أمر عجيب فاثبت ولا تجزع فلما خرجت ذاهباً سمعت صوتاً من جهة السماء فرفعت رأسي فإذا نور كأنه سلسلة يتداخل بعضه في بعض فالتقت على ظهري حتى أحسست ببردها فرجعت فأخبرت الشيخ فقال‏:‏ هذه سنة رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم وأذن لي في الكلام‏.‏

- ‏(‏قط في الأفراد‏)‏ من حديث عمر مولى عفرة عن هشام ‏(‏عن عائشة‏)‏ قال ابن الجوزي في العلل‏:‏ وعمر ضعيف وقال ابن حبان‏:‏ يقلب الأخبار ولا يحتج به‏.‏

8604 - ‏(‏من تمنى على أمتي الغلاء ليلة واحدة أحبط اللّه عمله أربعين سنة‏)‏ الظاهر أن المراد به مزيد الزجر والتهويل والتنفير عن ذلك الفعل لا حقيقة الإحباط وذلك لأنه لما كانت الأنفس مجبولة على محبة الاستئثار على العير حذرها مما لا يحل من ذلك وهول الأمر لمزيد من الزجر‏.‏

- ‏(‏ابن عساكر‏)‏ في التاريخ من طريق مأمون السلمي عن أحمد بن عبد اللّه الشيباني عن بشر بن السري عن عبد العزيز بن أبي رواد عن نافع ‏(‏عن ابن عمر‏)‏ بن الخطاب أورده المؤلف في مختصر الموضوعات من زيادته على أصله ثم قال‏:‏ مأمون وشيخه كذابان هكذا قال، وعجب منه كيف خرجه هنا مع اعترافه بذلك وكأنه نسي ما قرره ثم‏؟‏ وأما ابن الجوزي فإنه أورده من حديث الخطيب عن سليمان بن عيسى السجزي عن عبد العزيز به ثم قال‏:‏ موضوع قال مخرجه الخطيب‏:‏ منكر جداً لا أعلم رواه غير سليمان وهو كذاب اهـ‏.‏ وفي الميزان سليمان بن عيسى السجزي هالك وقال أبو حاتم‏:‏ كذاب وقال ابن عدي‏:‏ وضاع ومن بلاياه هذا الخبر اهـ فعدل المؤلف عن طريق فيها كذاب واحد إلى طريق فيها كذابان‏.‏

8605 - ‏(‏من تواضع للّه‏)‏ أي لأجل عظمة اللّه تواضعاً حقيقياً وهو كما قال ابن عطاء اللّه‏:‏ ما كان ناشئاً عن شهود عظمة الحق وتجلى صمته فالتواضع للناس مع اعتقاد عظمة في النفس واقتدار ليس بتواضع حقيقي بل هو بالتكبر أشبه ‏(‏رفعه اللّه‏)‏ لأن من أذل نفسه للّه فقد بذل نفسه للّه فيجازيه اللّه بأحسن ما عمل، وأخرج أبو نعيم في الحلية عن ابن سودة أوحى اللّه إلى موسى‏:‏ أتدري لما اصطفيتك على الناس برسالاتي وبكلامي قال‏:‏ لا يارب قال‏:‏ لأنه لم يتواضع لي أحد قط تواضعك، وزاد في رواية ومن تكبر على اللّه وضعه اللّه حيث يجعله في أسفل السافلين وجاء في رواية تفسير الرفعة هنا بأنه يصيره في نفسه صغيراً وفي أعين الناس كبيراً وقيل التواضع للّه أن يضع نفسه حيث وضعها اللّه من المعجز وذل العبودية تحت أوامره سبحانه بالامتثال وزواجره بالانزجار وأحكامه بالتسليم للأقدار ليكون عبداً في كل حال فيرفعه بين الخلائق وإن تعدى طوره وتجاوز حده وتكبر وضعه بين الخلائق وقال الطيبي‏:‏ في التواضع مصلحة الدارين فلو استعمله الناس في الدنيا زالت من بينهم الشحناء واستراحوا من نصب المباهاة والمفاخرة وقضية صنيع المؤلف أن هذا هو الحديث بتمامه والأمر بخلافه بل بقيته عند مخرجه أبو نعيم في الحلية وقال‏:‏ انتعش رفعك اللّه فهو في نفسه صغير وفي أعين الناس عظيم ومن تكبر خفضه اللّه وقال آخر خفضك اللّه فهو في نفسه كبير وفي أعين الناس صغير حتى يكون أهون من كلب اهـ‏.‏ ‏(‏تتمة‏)‏ قال ابن الحاج‏:‏ قال بعض أهل التحقيق‏:‏ من رأى أنه خير من الكلب فالكلب خير منه قال وهذا واضح، ألا ترى أن الكلب يقطع بعدم دخوله النار وغيره من المكلفين قد يدخلها‏؟‏ فالكلب والحالة هذه أفضل منه قال‏:‏ فمن أراد الرفعة فليتواضع للّه فإن الرفعة لا تقع إلا بقدر النزول، ألا ترى أن الماء لما نزل إلى أسفل الشجرة صعد إلى أعلاها كأن سائلاً سأله ما صعد بك ههنا وأنت قد نزلت تحت أصلها‏؟‏ فقال لسان حاله من تواضع للّه رفعه اللّه‏.‏